الجمعة، 10 فبراير 2012

كار دوخ : عاصفة التغيير تجتاح دمشق

لا شك أن نهاية حكم الطغاة والمستبدين تنتهي على أيدي المقهورين والمستضعفين دائماً. كما أكدت عليها الأحداث التاريخية في جميع مراحلها. وعبر كل العصور. القديمة منها والحديثة. وذلك حسب جدلية التاريخ والتي قد نسميه بـ (الحتمية التاريخية) وما ذلك إلا لبروز عوامل و أوضاع شاذة ومزرية أو أسباب أخرى مصطنعة من قبل الحكام الطغاة أنفسهم . سواء أكانت تلك اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية قاهرة. أو بسبب طغيان أفراد أو جماعة على مجتمع ما فتضطهده وتحرمه من حقوقه الطبيعية المشروعة . أو نتيجة حكم إحدى الأثنيات غير المرغوبة على الأخرى . أو استفراد أصحاب إحدى الأيديولوجيات الدينية أو المذهبية أو الفكرية والسياسية بالحكم كرهاً على المجتمعات البشرية الأخرى وخاصة تلك التي تتناقض ومعتقداتها الدينية أو الفكرية والسياسية .أو حكماً طغى واستبد وأفشى الفساد والجور في المجتمع على وجه المعمورة فإنها جميعها تسمى بـ ( الحكم بالإكراه) أو الحكم بالاغتصاب) كما أنها مجتمعة .أو منفردة قد تؤدي إلى نهوض تلك المجتمعات المضطهدة المقهورة أو بعض من شرائحها في وجه المغتصب المضطهد. كما


نشاهده حالياً في سوريا وغيرها في أغلب البلدان العربية والإسلامية على وجه المعمورة, مما يستوجب التغيير من خلال إسقاط نظام الحكم المستبد و مرتكزا ته الأساسية حسب جدلية التاريخ أي"ألحتمية التاريخية" وهنا لم نأتي بذكر الأمثلة التاريخية الدالة على صحة ما أسلفنا حرصا على عدم إطالة الموضوع,

ومنها أي من الحتمية التاريخية "عاصفة التغيير" الجارية حالياً في البلدان العربية والتي دمرت بعضاً من قلاعها المزيفة المهمة تلك التي بناها المستبدون من جماجم الفقراء والبؤساء وعلى حساب لقمة عيش المساكين والمشردين, وحسب قناعتنا أيضاً فإن هذه العاصفة الغاضبة لن تتوقف عن سيرها ولن تحيد عن مسارها الطبيعي ما لم تجرف معها جميع الأنظمة المستبدة وحكوماتها الفاشية في المنطقة, حيث كلما اتسعت دائرة هذه العاصفة و كبر حجمها كلما زادتها قوة وعنفاً كلما أسرعت في هدم أوكار المستبدين الطغاة وأنهت عهودهم الفاسدة و التي جلبت معها المآسي الإنسانية و السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى المنطقة , و تسببت بالكثير من الحروب وعدم الاستقرار فيها, وخاصة عهود الأنظمة الدكتاتورية المستبدة وأصحاب الأفكار الشمولية سواء أكانت تلك سياسية دينية طائفية أو فردية مستبدة أو حكم الحزب الواحد.

إلا أن للتغيير وسائل وآليات وشروط غير قابلة للتجاهل عنها أو إغفالها أو إهمالها إن توحدت إرادة الشعوب واعتمدت النقاط الأساسية التي قد تحقق المصالح المشتركة. والملخصة في النقاط التالية :

1-وحدة الإرادة المشتركة النابعة من المصالح الوطنية الأساسية المشتركة للشعوب بجميع قومياتها وأديانها وأطيافها السياسية والدينية الوطنية المتعايشة تاريخياً.

2- أن يكون العدل والمساواة هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يبنى عليهما الحكم المستقبلي المفترض المشترك , وذلك من خلال إيجاد نظام ديمقراطي تعددي تداولي لا مركزي أو فدرالي. تقرره الإرادة الحرة للشعوب عبر صناديق الاقتراع الحر.

3—تضمين الحقوق المشروعة لكافة الأثنيات والقوميات بما فيها حرياتها الدينية والمذهبية والطائفية وتثبيتها في الدستور المفترض المستقبلي والذي يختاره الشعب بنفسه , وعلى أن لا يلحق الخلل أو المساس بالحقوق المشروعة للقوميات والأديان الأخرى المشار إليها أعلاه كي تنتهي هذه الشعوب المتعايشة تاريخياً من الصراعات القومية والمذهبية القاتلة . والتي طال أمدها دون حل يذكر.

ولهذا لا بد من اعتماد الآليات والشروط التي أتينا بذكرها أعلاه, وخاصة في المناطق التي اندمجت فيها شعوبها بأخرى قهراً واحتلت أوطانها من قبل الطغاة الغاصبين الذين اعتمدوا الاستبداد والجور في حكمهم عليها . وعاثوا فساداً في الأرض. مما خلقوا لشعوبها خصوصية معقدة كما هو الحال في أغلب مناطق الشرق الأوسط المتوترة , و خاصة كردستان التي يحكمها المستبدون من العرب والترك والفرس .

لكون حكمهم الجائر هذا لا يدخل ضمن تصنيف التطور التاريخي الطبيعي بل أنه يعتبر من التصنيف الذي برز فيه العوامل والأسباب المصطنعة التي أوجدها المستبدون الطغاة أنفسهم كما أشرنا إليها أعلاه . كي يزيدوا من طغيانهم ونشر الفساد في الأرض والبطش بالشعوب ونهب خيرات بلدانهم , ولذلك تسبق عليهم الحتمية التاريخية لزوالهم وأنظمتهم الفاسدة معاً .

وبناءً على ما أسلفنا في كتابنا هذا فإننا نرى : أن رحيل هذه الأنظمة الفاسدة والمستبدة أصبح أمرا ًواقعاً. وأن الحتمية التاريخية باتت تؤكد على تغييرها. كما أكدت عليها في كل من تونس ومصر وليبيا. وأن النظام اليمني المستبد أصبح يقترب للرحيل هو الآخر, ليأخذ التاريخ مجراه الطبيعي, ولتدك عاصفة التغيير أوكار الطغاة في أنقرة وطهران أيضاً .

وما على القوى المعارضة الوطنية السورية بعربها وكردها وكافة أثنياتها العرقية والدينية. والتي يسفك دمها ليلاً نهاراً إلا أن ترص صفوفها أيضاً وأن توحد كلمتها من أجل تحقيق الحرية والكرامة للشعب السوري ولإنقاذه من جحيم النظام البعثي الفاشي وجبهته المرتزقة والمستهترة بأرواح السوريين منذ عقود من الزمن .



كما يستوجب على الجامعة العربية أن تتخذ موقفاً جدياً وأكثر تشددا تجاه أعمال النظام السوري العدوانية وسلوكه السيئ ضد شعبه وأن تسلم الملف السوري للجهة المختصة لدى الأمم المتحدة ودوائرها المعنية لعدم تنفيذ النظام السوري بنود البروتوكول التي قررتها الجامعة العربية ووقع عليها النظام السوري من أجل إنقاذ المتظاهرين السوريين من القتل الوحشي المتواصل على أيديه دون أي اعتبار بالبروتوكول والمراقبين للجامعة العربية , بل زاد النظام وشبيحته المجرمة من قتل الوطنيين المتظاهرين السوريين والزج بالأبرياء منهم في السجون والمعتقلات أكثر فأكثر وخطف الناس الأبرياء تحت جنح الظلام وقتلهم بشكل جنوني غير مسبوق و دون رادع من ضمير , مما يدل على أن الجامعة العربية قد فشلت في تعاملها مع القضية السورية وحلها , مثلما عجز النظام بحلوله الوهمية البائسة.

وعليه فإننا نتوقع من أن النظام السوري سيستمر في قتل المزيد من المواطنين السوريين وتشريدهم وستستخدم جميع الأساليب الوحشية بما فيها الأسلحة المدمرة والمحرمة دولياً في حربها القذرة على المعارضة السورية وقواها الثائرة . لذلك نرى أن توحيد إرادة القوى الوطنية للمعارضة السورية بجميع شرائحها الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والطائفية بات أمراً ملحاً و ضرورياً أكثر من أي وقت مضى ودون أن تهمش أية جهة وطنية منها مع ضمان المطالب المشروعة للجميع. و بموجب وثيقة وطنية تتفق عليها كافة القوى الوطنية المعارضة , وأن هذا ليس فيه عيب أو خيانة في حق أي مكون من مكونات الشعب السوري من حيث لا هيمنة فيه لأطراف على أخرى . بل أنه يوحد كافة الطاقات والإمكانيات المتاحة لزجها في المعركة المطلوبة , وكذلك لتتمكن القوى الوطنية المخولة المفترضة من قبلها للقيام بواجباتها الوطنية السياسية منها والإعلامية والدبلوماسية لدى المنظمات الدولية والإقليمية وأن ترفع القضية السورية للجهات المعنية في مجلس الأمن ودوائرها المختصة لتأمين منطقة أو مناطق آمنة لحماية الشعب السوري , على غرار ما حصل في ليبيا , وذلك للإسراع في إسقاط هذا النظام الفاسد حفاظاً على أرواح أبناء الشعب السوري وثواره الأحرار, وإلا سيكون القتل والسجون والتشريد من نصيب الشعب السوري فقط .

كفا للذين يزايدون على الشعب السوري الجريح بقولهم (لا للتدخل الأجنبي) أليس بقولهم هذا يجنون على الحقيقة والواقع والتاريخ ؟ هل يستطيع هؤلاء أن يذكروا شعباً من الشعوب في المنطقة والعالم قد تحرر من الاستعمار أو أنقذ نفسه من المستبدين الطغاة دون مساعدة الآخرين . أو مؤازرتهم له؟عبر التاريخ كله بل منذ الخليقة وليومنا هذا.

هل حصل العراق والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة السعودية وكافة الدول والحكومات العربية المغربية منها والخليجية والإفريقية وتركيا الحديثة وإيران على استقلالها دون مؤازرة دول أخرى لها ؟ أليس للإنكليز الفضل الأكبر في تأسيس المملكة السعودية والأردنية والعراقية ؟

أليس بفضل الدول الاستعمارية المنتصرة في الحرب ومساعدتها حصلت الدول العربية الشرق أوسطية على تحريرها من الإمبراطورية العثمانية الاستعمارية؟ حسبما كانوا ينعتونها بأنفسهم بهذه الصفة (الاستعمارية)

إلا إننا حسبما نعتقد فإن إنقاذ الشعب السوري من جحيم النظام الحاكم وشروره , وانتصار ثورته مرهونان بوحدة إرادته أولاً. وكسب الدول ذات القرار للوقوف إلى جانبه ثانياً , وذلك من خلال تدخلها من خلال قرار الجهة المعنية الأممية لإنقاذ الشعب السوري من هيمنة حزب البعث الحاكم المحصور في العائلة الأسدية وجبهته المأجورة المسماة بـ (الجبهة الوطنية التقدمية ) المزيفة.

وعليه, فإن المسماة بالمجالس الوطنية السورية المختلفة و تنسيقياتها المتعددة بجميع مشاربها الفكرية واتجاهاتها السياسية والثقافية قد تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية عن تمادي النظام السوري في الإجرام بسب تشتتها وعدم توحيد صفوفها مما أفسحت المجال أكثر فأكثر لهذا النظام الدموي بالإقدام على قتل المزيد من أبناء الشعب السوري وخاصة الثائرين منهم من أجل الحرية والكرامة.

ولهذا نكرر دعوتنا لكافة المجالس الوطنية و تنسيقياتها المتعددة للعمل من أجل وحدة الإرادة والكلمة .كي تتمكن من طرح القضية السورية العادلة بجدارة وقوة أمام الجهات الدولية المعنية لتأمين المناطق الآمنة لحماية الشعب السوري وقواه الثائرة من همجية النظام السوري الأرعن كما أسلفنا للإسراع في إسقاط هذا النظام الفاسد



كار دوخ18 -1-2012



ليست هناك تعليقات: