الجمعة، 23 سبتمبر 2011

كاردوخ : (((الأحزاب السياسية الكلاسيكية وحركة التغيير في المنطقة)))

  
منذ رحيل الاستعمار من المنطقة  وتقليص هيمنته  في العالم بالتزامن مع نشؤ الحرب الباردة وبروز التيارات القومية الشوفينية في خضم  الصراعات الأيديولوجية بين منظومة الدول الاشتراكية والرأسمالية على توسيع النفوذ في المنطقة والعالم, فإن منطقة الشرق الأوسط  لا زالت  تعيش في توتر شبه دائم  ولم تشهد شعوبها الاستقرار والأمن .على الرغم من انتهاء الحرب الباردة واختفاء حدة تلك الصراعات الأيديولوجية و التي دامت أكثر من ثمانين عام ,
إلا أنها تركت خلفها حزمة  كبيرة  من التناقضات والمشاكل السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية, ولا سيما قضية حرية  ا لشعوب الملحة في المنطقة  ظلت دون حل , ومنها قضية  الشعب الكردي الذي اقتسم وطنه كردستان بين كل من تركيا وإيران وسوريا وعراق الذي تحرر تواً من جوري صدام البعثي العفلقي المقبور , وكذلك قضايا شعوب عديدة أخرى كالشعب الفلسطيني والأمازيغي والأذري والنوبي والبلوشي والآشوري . ناهيك عن الثقافات الاستبدادية المشوهة و الأيديولوجية المسمومة التي غرزها  كلا طرفي الصراع  في عقول صنعتهما من الحكام الطغاة والشعوب المحكومة من قبلهم على السواء . مما جعلت الحروب والدمار والويلات هي السائدة في المنطقة  والجهل والفقر  والتخلف  يخيم عليها كي لا تستطيع هذه الشعوب التي لا زالت ترزح تحت نير الظلم والتمييز العنصري  تقرير مصيرها  بنفسها  وتستقل برأيها الحر, ولكي تبقى إرادتها مكبلة وكذلك الأمر   بالنسبة للشعوب المستقلة نفسها أيضاً . كونها ظلت شبه  مستعمرة هي الأخرى  من قبل أنظمتها المستبدة  الحاكمة عليها منذ عقود عديدة من الزمن ناهيك عن أنها  القابضة بناصية اقتصاد البلاد  بقبضتها الحديدية وسرقته ونهبه حسبما تشاء , وذلك تارة من خلال رفع الشعارات  الوطنية أو  التقدمية والاشتراكية دون الأخذ بها  وأخرى باسم الدين. دون أن تؤمن به بل  جعلتها في خدمة  استمرارية  سلطتها وتسلطها على رقاب شعوبها بطريقة مخزية .وهكذا قوى وأحزاب كلاسيكية  أخرى مغلوب على أمرها  تسعى  للوصول إلى كرسي الحكم لتضع قدمها محل قدم الحاكم المستبد المغتصب وعلى النهج الفاسد  نفسه  كي تجعل من الشعوب عبيداً لها ومن خيرات البلاد نهباً لمطامعها ورغباتها  أسوة بالحكام المستبدين الطغاة في المنطقة , وبصورة خاصة  الأحزاب الكلاسيكية التي نحن بصددها  فإنها ظلت تراوح مكانها دون أن تغير في الأمر  شيء لأنها لم تكن قابلة للتغيير في فهمها للأحداث التاريخية طيلة فترة القرن المنصرم كله . وكما أنها لم تستطع  التجديد في رؤاها حسب ديناميكية الأحداث وصرعتها أو الخلاص من تلك الثقافة المشوهة التي غرزت في عقولها بالطريقة اللا إرادية   ولهذا كله فإنها ظلت عاجزة عن  إيجاد البديل المطلوب للتغيير وبالتالي لم تتمكن من تحرير نفسها وشعوبها الرازحة تحت نير الحكم المستبد منذ عقود ,, ,غير أن شعوب المنطقة وبمعزل عن هذه  الأحزاب وأصحاب العقلية الكلاسيكية الأخرى  قد تجاوزت تلك  المرحلة المريرة  الصعبة بفضل يقظتها من ثباتها العميق فأصبحت  المعادلة تتأرجح لصالح الشعوب المقهورة,ولا سيما الشعب الكردي وشعوب أخرى كالشعوب السالفة الذكر  والتي لازالت ترزح تحت نير الظلم و الاضطهاد القومي والاجتماعي والسياسي من قبل الطغاة  (حكام المسلمين العنصريين  العرب و الشوفينيين الفرس والترك ). وشعوب أخرى لم نذكرها  قد أصبحت في طي النسيان أو دفنت في مقابر جماعية  مجهولة .حيث  لم يبق لهم أي ذكر سوا في بطون التاريخ ,  و أن الأحزاب الكلاسيكية المعارضة للأنظمة الحاكمة في المنطقة باتت عاجزة عن  اختيار موقف ثابت لها حيال المتغيرات المتلاحقة في المنطقة بسبب عدم قدرتها على تخليص نفسها من الرواسب الموروثة والثقافة المشوهة  القديمة (الملغاة للآخر) كي تختار لنفسها إستراتيجية واضحة تتواءم وحركة الشعوب للتغيير في المنطقة, ولذلك فإننا نشاهد أنها  متذبذبة في مواقفها  وحائرة في اختيارها بين  أن تصبح مع ثورة الشباب دعاة الحرية والكرامة ( الانتفاضة الشعبية ) وبين أن تساوم  مع  الأنظمة المستبدة التي طال تسلطها على رقاب الشعوب, وأحياناً فأنها  تبذل بما في وسعها  للالتفاف على ثورة الشباب للتغيير  كي تجد موطئ قدم لها  في المقدمة  لتغيير مسار الثورة  حسبما يتوافق وعقليتها الحزبية الكلاسيكية القديمة للمساومة مع النظام القاتل .هذا على مستوى أحزاب المنطقة أجمعها  وبصورة خاصة حزب الأخوان المسمين وحزب البعث العفلقيين والصلفيين وبعض من الشوفينيين العرب السوريين, لوقوعهم في الفخ التركي المخزي ودول أخرى ذات مصلحة سواء أكان ذلك عن جهل أو عن غاية لمصالح شخصية أو فئوية أو مذهبية طائفية قديمة جديدة ,
كما افتضح أمرهم في كل من اسطنبول وأنقرة وبعض المدن الأوربية ودوحة. مما أربكت  ثورة الشباب في سورية وأعطت  زخماً إضافيا للنظام  الحاكم الطاغي  في سوريا فارتكب النظام  مزيداً من جريمة القتل و هدم البيوت والدمار وتشريد المزيد من المواطنين الأبرياء الآمنين . على الرغم من أن ثورات الشباب في المنطقة العربية قد أحرزت انتصارات عظيمة  متتالية على الأنظمة الدكتاتورية, وهدمت قلاعها الملطخة بدماء الشعوب و عروشها الملوثة ,و برهنت على التوالي  بأن سقوط الأنظمة الدكتاتورية المتبقية في المنطقة بات أمراً واقعاً لا مفر منه, وذلك حسبما شاهدناه أيضاً  في كل من تونس ومصر  ونشاهده الآن في ليبيا وسوريا واليمن ,وأن عاصفة الحرية المباركة التي هبت في المنطقة  قد هدمت قلاع  الدكتاتوريات المبنية من جماجم الأبرياء ,وأقلعت عروشها الملطخة بدماء الشعوب  من جذورها, وهي لا زالت تسير  في عنفوانها  لتتعدى حدود المنطقة العربية لتجتاح كل من تركيا وإيران كي تتنفس شعوب هذه المنطقة  سعداء في استعادة حريتها وكرامتها المنشودة.إلا  أن الأحزاب الكلاسيكية  المنتمية للقوميات الحاكمة  وأخرى مرتزقة  لا زالت تعيش في أوهامها القديمة كالذي يسير في الصحراء وقد  ضل طريقه فأصابه العطش والوهن معاً وهو إذ يهرول وراء السراب في وسط الصحراء القاحلة ظناً منه أنه الماء المنشود.و لكنه دون جدوى ,وهكذا فإن هذه الأحزاب الكلاسيكية المشار إليها  قد أثبتت عجزها عن خلاصها  من خطر الثقافة المسمومة المشوهة الآنفة الذكر وعدم قدرتها على تحرير نفسها و شعوبها من حكم المستبدين الطغاة طيلة القرن المنصرم ولغاية الآن .فهي لا زالت  تحلم بمجيء اليوم الموعود الذي  تستطيع فيه أن تضع قدمها محل قدم الحاكم  الغاصب و بنفس العقلية القديمة  وعلى النهج الذي سلكه الطغاة المستبدون أنفسهم. فهي تارةً تحاول الالتفاف على ثورة الشباب للتغيير بأساليبها الملتوية المفضوحة والرافضة للآخر ولجميع ما لم يتوافق وعقليتها القديمة القاتلة دون مراعاة مصالح شعوبها ,وتارة أخرى فإنها تلعب على أوتار بالية قد عفا عنها الزمن ظناً منها:أنها  الفرصة السانحة لها  في الوقت المناسب  للاستيلاء على الغنائم التي كانت  تترقبها وتنتظرها منذ أمد بعيد, متجاهلة المصالح الدولية المتغايرة  وتبدلاتها الآلية المتوائمة  مع المتغيرات الجديدة  وصرعة الأحداث المتلاحقة في المنطقة , وعليه فإننا ندعو جميع القوى الخيرة في سوريا بما يلي :
1- ندين ونستنكر بشدة القتل الجماعي على الأيدي الآثمة  لشبيحة النظام وأمنه المنبوذ الفاسد, وكما ندين كل من ساهم أو يساهم في قتل الثوار السوريين المسالمين والمواطنين الأبرياء,
2- ندين ونستنكر جميع المحاولات أو المؤامرات التي تحاك ضد ثورة الشباب السلمية السورية  أو العمل لإجهاضها ,
3-نحي جميع القوى الخيرة بجميع اتجاهاتها السياسية الوطنية  الثائرة في وجه أعتا طاغية في سوريا ونباركها صمودها وإصرارها على المضي قدوماً في ثورتها المباركة لإنقاذ الشعب السوري من براثن أكبر نظام دكتاتوري مستبد في التاريخ الحديث ,
4- ندعو جميع القوى الخيرة الثائرة السلمية  في سوريا دون تمييز المزيد من
التلاحم وتوحيد الصفوف لأنه السبيل الأمثل لنجاح الثورة في تحقيق الحرية والكرامة الوطنية والإنسانية المنشودة  لعموم الشعب السوري ,
5- ندعو جميع أعضاء هيئة   التنسيقات والثوار المسالمين  معاً  التفكير جدياً في مسألة الوحدة الوطنية السورية أولا .و الحكم اللا مركزي الدستوري المدني  برلماني تعددي  ديمقراطي ثانياً. حيث  يتحقق فيه العدل والمساواة والديمقراطية و حقوق جميع القوميات والأقليات الدينية والمذهبية لا استبداد فيه  ولا احتكار للسلطة بل سوريا للجميع مستقبلاً ,ولكي ينتهي الجميع من المسألة القومية الشوفينية والعنصرية  والدينية السياسية  والمذهبية, والطائفية البغيضة وحكم الحزب الواحد   إلى الأبد ,
6- ندعو كافة الهيئات الحقوقية الدولية  والمنظمات الإنسانية العالمية و هيئة الأمم المتحدة المتعلقة بحماية حقوق الإنسان المشروعة  للتدخل لإنقاذ الشعب السوري وحمايته  من القتل الجماعي على أيدي النظام السوري الوحشي ووقف حربه المضمرة وهجماته العسكرية الغاشمة دون هوادة  على الشعب السوري البريء المطالب بالحرية والكرامة
  كار دوخ 15-9-2011
 

ليست هناك تعليقات: